وصف الجنة والحور

وصف الجنة والحور

روابط وصف الجنة والحور العين وصف الجنة والحور /الدليل المصور لأجمل جنات الدنيا /جنات النعيم نسأل الله مثواها ومأواها /وصف ثمن دخول الجنة  /وصف الجنة والحور وقوله (ص)لا يدخل أحد الجنة إلا بر... /بناء الجنة وصفتها وما فيها من نعيم مقيم نسأل الله... /صفة أهل النار عياذا بالله الواحد /وصف الجنة والنار /وصف يوم القيامة /باب ما جَاءَ في صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْض /*الْحُورِ الْعِينِ وَصِفَتِهِنَّ؛أعددت لعبادي الصا... /وحور عين ( 22 ) كأمثال اللؤلؤ المكنون ( 23 ) جزاء ... /كواعب أترابا /وصف الحــور العين في الجنة /حي علي جنات عدن /الجنة ونعيمها  /كتاب نساء اهل الجنة ، الحور العين /ذكر الحور العين في القرآن الكريم / روابط كتاب الفتن والملاحم وأشراط الساعة والأمور ال... /فصل أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة ا... /كتاب صفة النار وما فيها من العذاب الأليم /ذكر سرادق النار ، وهو سورها المحيط بها وما فيها من... /ذكر جهنم وشدة سوادها ، أجارنا الله منها /كتاب صفة النار - أجارنا الله منها - وما فيها من ال...  /دليل وصف الجنة والحور العين  /روابط كتاب الفتن والملاحم لابن كثير  /أأأأأأأأأأ /الدليل الفهرسي  /. . مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في ... /بطلان القول بمصطلحات باطلة جدا مثل كفر دون كفر وكف...  /الشواهد لحديث 🌈..( إن .الله قد حرم على النار من ق... /* الشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح في... مدونة الحق الإلهي/٢.الآيات القرانية بمسمي الظالمين...  /فقط نذكر بأن المحكم من الآيات والأحاديث في الدلال... /فقط نذكر بأن المحكم من الآيات والأحاديث في الدلال... /الجامعة المانعة في أحكام الطلاق /الجامعة المانعة في أحكام الطلاق  /كل ما في الطلاق وشريعته  /وصف الجنة ونعيمها /حديث قدسي عن وصف الجنة ونعيمها /روابط وصف الجنة فيديوهات /تعريف وشرح الجنة للاطفال /من مدراج الصالحين لان القيم /هكذا العلماء قال الأوزاعي... وحادثة الإفك / /DNA معاد التركيب  /فهرست المدونة منمق / مذهب النووي في تأويل نصوص الزجر 1. اعتمد ال... /

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

9 مصاحف

جواهر القران لأبي حامد الغزالي

 كتاب جواهر القرآن أبو حامد الغزالي

 

الجمعة، 18 مايو 2018

9 المقاطعة العامة و عام الحزن | تلخيص الرحيق المختوم ج9


المقاطعة العامة و عام الحزن | الرحيق المختوم ج9 
نتناول في هذا الجزء من مختصر كتاب الرحيق المختوم، أحداث المقاطعة العامة التي قررتها قريش وكتبت وثيقة بذلك ووضعتها في جوف الكعبة، وحوصر النبي ومن معه في شعب أبي طالب قرابة ثلاثة أعوام، انتهت بنقض الصحيفة، ووفاة عمه أبو طالب وزوجته السية خديجة وتوالت الأحزان على النبي صلى الله عليه وسلم.
المقاطعة العامة
ميثاق الظلم والعدوان
زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل، ووجدوا بني هاشم وبني المطلب مصممين على حفظ نبى الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه، كائنًا ما كان، فاجتمعوا في خيف بني كنانة من وادى المُحَصَّبِ فتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للقـتل، وكتـبوا بذلك صحيـفـة فيها عهود ومواثيق ‏(‏ألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل‏)‏‏.‏ ‏
تم هذا الميثاق وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم ـ إلا أبا لهب ـ وحبسوا في شعب أبي طالب، وذلك فيما يقال‏:‏ ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة‏.‏ وقد قيل غير ذلك‏.‏
ثلاثة أعوام في شعب أبي طالب
واشتد الحصار، وقطعت عنهم الميرة والمادة، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعًا إلا بادروه فاشتروه، حتى بلغهم الجهد، والتجأوا إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرًا، وكانوا لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الأشهر الحرم، وكانوا يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها، ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة قيمتها حتى لا يستطيعون شراءها‏.‏
وكان حكيم بن حزام ربما يحمل قمحًا إلى عمته خديجة رضي الله عنها وقـد تعـرض لـه مرة أبو جهل فتعلق به ليمنعه، فتدخل بينهما أبو البخترى، ومكنه من حمل القمح إلى عمته‏.‏
وكان أبو طالب يخاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه، حتى يرى ذلك من أراد اغتياله، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يأتى بعض فرشهم‏.‏
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يخرجون في أيام الموسم، فيلقون الناس، ويدعونهم إلى الإسلام، وقد أسلفنا ما كان يأتى به أبو لهب‏.‏
نقض صحيفة الميثاق
مر عامان أو ثلاثة أعوام والأمر على ذلك، وفي المحرم سنة عشر من النبوة نقضت الصحيفة وفك الحصار؛ وذلك أن قريشًا كانوا بين راض بهذا الميثاق وكاره له، فسعى في نقض الصحيفة من كان كارهًا لها‏.‏
وكان القائم بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤى ـ وكان يصل بني هاشم في الشعب مستخفيًا بالليل بالطعام ـ فإنه ذهب إلى زهير بن أبي أمية المخزومى ـ وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب ـ وقال‏:‏ يا زهير، أرضيت أن تأكل الطعام، وتشرب الشراب، وأخوالك بحيث تعلم‏؟‏ فقال‏:‏ ويحك، فما أصنع وأنا رجل واحد‏؟‏ أما والله لو كان معى رجل آخر لقمت في نقضها، قال‏:‏ قد وجدت رجلًا‏.‏ قال‏:‏ فمن هو‏؟‏ قال‏:‏ أنا‏.‏ قال له زهير‏:‏ ابغنا رجلًا ثالثًا‏.‏
فذهب إلى المطعم بن عدى، فذكره أرحام بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، ولامه على موافقته لقريش على هذا الظلم، فقال المطعم‏:‏ ويحك، ماذا أصنع‏؟‏ إنما أنا رجل واحد، قال‏:‏ قد وجدت ثانيًا، قال‏:‏ من هو‏؟‏ قال‏:‏ أنا‏.‏ قال‏:‏ ابغنا ثالثًا‏.‏ قال‏:‏ قد فعلت‏.‏ قال‏:‏ من هو‏؟‏ قال‏:‏ زهير بن أبي أمية، قال‏:‏ ابغنا رابعًا‏.‏
فذهب إلى أبي البخترى بن هشام، فقال له نحوًا مما قال للمطعم، فقال‏:‏ وهل من أحد يعين على هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ من هو‏؟‏ قال زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدى، وأنا معك، قال‏:‏ ابغنا خامسًا‏.‏
فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم، فقال له‏:‏ وهل على هذا الأمر الذي تدعونى إليه من أحد‏؟‏ قال‏:‏ نعم، ثم سمى له القوم، فاجتمعوا عند الحَجُون، وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة، وقال زهير‏:‏ أنا أبدأكم فأكون أول من يتكلم‏.‏
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير عليه حلة، فطاف بالبيت سبعًا، ثم أقبل على الناس، فقال‏:‏ يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى، لا يباع ولا يبتاع منهم‏؟‏ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة‏.‏
قال أبو جهل ـ وكان في ناحية المسجد‏:‏ كذبت، والله لا تشق‏.‏
فقال زمعة بن الأسود‏:‏ أنت والله أكذب، مارضينا كتابتها حيث كتبت‏.‏
قال أبو البخترى‏:‏ صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقر به‏.‏
قال المطعم بن عدى‏:‏ صدقتما، وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها‏.‏
وقال هشام بن عمرو نحوًا من ذلك‏.‏
فقال أبو جهل‏:‏ هذا أمر قضى بليل، وتُشُووِر فيه بغير هذا المكان‏.‏
وأبو طالب جالس في ناحية المسجد، إنما جاءهم لأن الله كان قد أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على أمر الصحيفة، وأنه أرسل عليها الأرضة، فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه، فخرج إلى قريش فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، قالوا‏:‏ قد أنصفت‏.‏
وبعد أن دار الكلام بين القوم وبين أبي جهل، قام المطعم إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ‏(‏باسمك اللهم‏)‏، وما كان فيها من اسم الله فإنها لم تأكله‏.‏
ثم نقض الصحيفة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وقد رأي المشركون آية عظيمة من آيات نبوته، ولكنهم ـ كما أخبر الله عنهم ‏{‏وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏2‏]‏ ـ أعرضوا عن هذه الآية وازدادوا كفرًا إلى كفرهم ‏.‏
آخر وفد قريش إلي أبي طالب
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعب، وجعل يعمل على شاكلته، وقريش وإن كانوا قد تركوا القطيعة، لكنهم لم يزالوا عاملين على شاكلتهم من الضغط على المسلمين والصد عن سبيل الله ، وأما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه، لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه، وكانت الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات ـ لاسيما حصار الشعب ـ قد وهنت وضعفت مفاصله وكسرت صلبه، فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات، وإذا هو يلاحقه المرض ويلح به، وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته بمنكر على ابن أخيه، فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه، ويعطوا بعض ما لم يرضوا إعطاءه قبل ذلك‏.‏ فقاموا بوفادة هي آخر وفادتهم إلى أبي طالب‏.‏
قال ابن إسحاق وغيره‏:‏ لما اشتكى أبو طالب، وبلغ قريشًا ثقله، قالت قريش بعضها لبعض‏:‏ إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب، فليأخذ على ابن أخيه، وليعطه منا، والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا، وفي لفظ‏:‏ فإنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون إليه شيء فتعيرنا به العرب، يقولون‏:‏ تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه‏.‏
مشوا إلى أبي طالب فكلموه، وهم أشراف قومه؛ عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب، في رجال من أشرافهم ـ وهم خمسة وعشرون تقريبًا ـ فقالوا‏:‏ يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ له منا، وخذ لنا منه؛ ليكف عنا ونكف عنه، وليدعـنا وديننا وندعه ودينه، فبعث أبو طالب، فجاءه فقال‏:‏ يابن أخي، هؤلاء أشراف قومك، قد اجتمعوا لك ليعطوك، وليأخذوا منك، ثم أخبـره بالذي قالوا له وعرضوا عليه من عدم تعرض كل فريق للآخر‏.‏ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم‏)‏ ، فلما قال هذه المقالة توقفوا وتحيروا ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه الكلمة الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد‏.‏ ثم قال أبو جهل‏:‏ ما هي‏؟‏ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال‏:‏ تقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله ، وتخلعون ما تعبدون من دونه‏)‏‏.‏ فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا‏:‏ أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلهًا واحدًا‏؟‏ إن أمرك لعجب‏.‏
ثم قال بعضهم لبعض‏:‏ إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا‏.‏
عام الحزن
وفاة أبي طالب
ألح المرض بأبي طالب، فلم يلبث أن وافته المنية، وكانت وفاته في رجب سنة عشر من النبوة، بعد الخروج من الشعب بستة أشهر‏.‏ وقيل‏:‏ توفي في رمضان قبل وفاة خديجة رضي الله عنها بثلاثة أيام‏.‏
وفي الصحيح عن المسيب‏:‏ أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال‏:‏ ‏(‏أي عم، قل‏:‏ لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ‏)‏ فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية‏:‏ يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب‏؟‏ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به‏:‏ على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لأستغفرن لك ما لم أنه عنـه‏)‏، فـنزلت‏:‏‏{‏ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏113‏]‏ ونزلت‏:‏ ‏{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 56‏]‏‏.‏
خديجة إلى رحمة الله
وبعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام ـ على اختلاف القولين ـ توفيت أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله عنها وكانت وفاتها في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، ولها خمس وستون سنة على أشهر الأقوال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك في الخمسين من عمره‏.‏
إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، وتشاركه في مغارم الجهاد المر، وتواسيه بنفسها ومالها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏آمنت بى حين كفر بى الناس، وصدقتنى حين كذبني الناس، وأشركتنى في مالها حين حرمنى الناس، ورزقنى الله ولدها وحرم ولد غيرها‏)‏
تراكم الأحزان
وقعت هاتان الحادثتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه‏.‏ فإنهم تجرأوا عليه وكاشفوه بالنكال والأذى‏.‏
قال ابن إسحاق‏:‏ لما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا، ودخل بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها‏:‏ ‏(‏لا تبكى يابنية، فإن الله مانع أباك‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ويقول بين ذلك‏:‏ ‏(‏ما نالت منى قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب‏)‏‏.‏
الزواج بسودة رضي الله عنها‏‏
وفي شوال من هذه السنة ـ سنة 10 من النبوة ـ تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة، كانت ممن أسلم قديمًا وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة، وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة‏.‏
عوامل الصبر والثبات
1
ـ الإيمــان بالله ‏:‏
الإيمان بالله وحده ومعرفته حق المعرفة، فصاحب هذا الإيمان المحكم وهذا اليقين الجازم لا يبالى بشيء من تلك المتاعب أمام ما يجده من حلاوة إيمانه، وطراوة إذعانه، وبشاشة يقينه.
2
ـ قيادة تهوى إليها الأفئدة‏:‏
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو القائد الأعلى للأمة الإسلامية، يتمتع من جمال الخلق، وكمال النفس، ومكارم الأخلاق، والشيم النبيلة، والشمائل الكريمة، بما تتجاذب إليه القلوب وتتفاني دونه النفوس، وكان من العفة والأمانة والصدق، ما لم يشك فيه أعداؤه فضلًا عن ورفقائه ‏.‏
3
ـ الشعور بالمسئولية‏:‏
فكان الصحابة يشعرون شعورًا تامًا ما على كواهل البشر من المسئولية الفخمة الضخمة، وأن هذه المسئولية لا يمكن عنها الحياد والانحراف بحال، فالعواقب التي تترتب على الفرار عن تحملها أشد وخامة وأكبر ضررًا عما هم فيه من الاضطهاد‏.‏
4
ـ الإيمـان بالآخـرة‏:‏
فقد كانوا على يقين جازم بأنهم يقومون لرب العالمين، ويحاسبون على أعمالهم دقها وجلها، صغيرها وكبيرها، فإما إلى النعيم المقيم، وإما إلى عذاب خالد في سواء الجحيم‏.‏
5
ـ القـــرآن‏:‏
كانت تنزل السور والآيات تقيم الحجج والبراهين على صدق مبادئ الإسلام بأساليب منيعة خلابة، وترشد المسلمين إلى أسس قدر الله أن يتكون عليها أعظم وأروع مجتمع بشرى في العالم وتثير مشاعر المسلمين ونوازعهم على الصبر والتجلد. كما كانت تلك الآيات ترد على إيرادات الكفار والمعاندين ردًا مفحمًا، ولا تبقى لهم حيلة، ثم تحذرهم مرة عن عواقب وَخِيمَة، إن أصروا على غيهم وعنادهم‏.‏
6
ـ البشارات بالنجاح‏:‏
كان المسلمون يعرفون منذ أول يوم لاقوا فيه الشدة والاضطهاد أن الدخول في الإسلام ليس معناه جر المصائب والحتوف، بل إلى القضاء على الجاهلية ونظامها الغاشم، وأن من نتائجها في الدنيا بسط النفوذ على الأرض، والسيطرة على الموقف السياسي في العالم لتقود الأمة الإنسانية والجمعية البشرية إلى مرضاة الله ، وتخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة الله .‏ وكان القرآن ينزل بهذه البشارات‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يقـوم بذلك، (قولوا‏:‏ لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم، فإذا متم كنتم ملوكًا في الجنة‏)‏‏.‏
وأمام هذه البشارات بالمستقبل المجيد المستنير في الدنيا، كان الصحابة يرون أن الاضطهادات والمصائب التي تحيط بهم من كل الأرجاء ليست إلا‏:‏ ‏(‏سحابة صيف عن قليل تقشع‏)‏‏.‏
هذا ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يغذى أرواحهم برغائب الإيمان، ويزكى نفوسهم بتعليم الحكمة والقرآن، ويربيهم تربية دقيقة عميقة، يحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح، ونقاء القلب، ونظافة الخلق، والتحرر من سلطان الماديات، والمقاومة للشهوات، والنزوع إلى رب الأرض والسموات، ويذكى جمرة قلوبهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويأخذهم بالصبر على الأذى، والصفح الجميل، وقهر النفس‏.‏ فازدادوا رسوخًا في الدين، وعزوفا عن الشهوات، وتفانيًا في سبيل المرضاة، وحنينًا إلى الجنة، وحرصًا على العلم، وفقهًا في الدين، ومحاسبة للنفس، وقهرًا للنزعات وغلبة على العواطف، وتسيطرًا على الثائرات والهائجات، وتقيدًا بالصبر والهدوء والوقار‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق